لبنى ياسين

مواطن برسم البيع

الشهيد عرفان ياسين استشهد في 2011/03/25 دمشق

منذ أن بدأت الثورة مخاضها الأول، أعدت للمواطن الذي يقف في صفها قائمة من الاتهامات المعلبة الجاهزة التي تبدأ بالعمالة وتنتهي بالتخوين، وكأن الوطن حكر على بعض المواطنين مما يجيدون الرطن بلغة النظام، ويعرفون من أين تؤكل الكتف,  وكيف يمسح الجوخ على موائد المسؤولين.

ومشكلتنا كانت ولا تزال أننا لسنا كذلك ولن نكون..

من يريد تخويننا فلينظر هل لدينا حسابات بنكية سرية و معلنة؟

هل نعيش في قصور فاخرة، ونركب سيارات فاخرة؟

هل يخاف الناس مرورنا بطرقاتهم، وذكرهم لأسمائنا؟

هل يتلفت الرجل يمينا ويسارا إن ذكر أحدنا أمامه؟

ما الذي يجعلكم أكثر وفاء منا؟

هل لأنكم تحتكرون خيرات البلد في جيوبكم وحساباتكم البنكية؟

ها نحن ذا ندفع ثمناً باهظاً لقيمة عظيمة وهبها الله لنا وليس من حقكم سلبها منا، والثمن لم يكن بالدولار، ولا بالليرة السورية، ولا بصفقة مشبوهة، ولم يرسل إلى حسابات سرية.

الثمن هو دمائنا..دمائنا يا من تلوحون بتهمة الخيانة في وجوهنا، بينما بدأتم الآن بعدِّ أرصدتكم، وإحصاء حساباتكم، وتحويل أموالكم خارج الوطن، دون أن تلتفتوا للخراب القادم على أيديكم لاقتصاد الوطن، ولعملة الوطن، ولثروات الوطن.

لن أعتذر للوطن لأن أخي قتل على رصيفه بسلاح أخيه السوري، وسفح شبابه لكي يعيش بكرامة، لكنه لم يتمكن من العيش بكرامة..فمات بكرامة.

أخي الذي مازال في ريعان شبابه، كان عليه أن يحلم..لا أن يقتل.

وكان لديه من الوقت ما يكفيه للحلم والوهم..لكن  ربما ليس لتحقيق أحلامه، فها هنا في ربوع الوطن يعيش سارقو الأحلام، وموزعو الهموم، ينهبون شمسنا كل يوم، ويمنحونا فجائع تتناسب ومستوى خيانتنا لأحلامهم.

لن أعتذر للوطن عن مئات الجثث التي رصفت شوارع الوطن بأوجاعها ونزيف شرايينها.

لن أعتذر يا وطني عن الأوجاع التي تمشط جبين شوارعك كل يوم، فهي معجونة بدمي ودموعي.

لن أعتذر عن التهمة المفصلة تماما على مقاس حلم صغير نبت بين أصابعي سهواً..فوحده الوطن يعرف جيدا رائحة عرق أولاده، وطعم دمائهم، فيبكي حزناً دون أن تدركون..لأنكم لا تعرفون الوطن..ولا تنتمون إلى ترابه.

لبنى ياسين 2011/03/30